مشاركة
14 بروباغاندا منذ 6 أيام مركز الشهيد عثمان مكاوي

معركة (أم صميمة)..

بقلم : نزار حسين

_لا يمكن أن توصف أي معركة من المعارك التي دارت في حرب الكرامة منذ اندلاعها في أبريل 2013 ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة بصفة أقل من أنها معركة عظيمة، فقد كانت هذه الحرب الوجودية التي خاضها الجيش السوداني والقوات المشتركة وكتائب البراؤون والمستنفرون والمجاهدون من أبناء هذا الشعب، حرباً تستمد عظمتها من عظمة هذه الأرض وشعبها ذي التاريخ الضارب في عمق المجد. وقد أضحت كثيرٌ من المناطق التي سيطرت عليها مليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتها، مسرحاً جسد فيه أبطال السودان معاني الفداء والإقدام والثبات، فأغلب هذه المناطق تم تحريرها بدفع الثمن غاليا من أرواح أبناء هذا الوطن، وقد كانت على رأس هذه المعارك وهي الأحدث معركة (أم صميمة) تلك المعركة التي تركت أثراً عميقاً في الرأي العام السوداني، حيث استمات العدو فيها لأهميتها الاستراتيجية، وحشد فيها قوة وعتاداً ضخماً، لكنه لم يتمكن، كالعادة من الصمود أمام طوفان الجيش السوداني الذي لا يصده حاجز.

 أهمية استراتيجية..!

تقع أم صميمة غرب مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، على طريق حيوي يربط وسط السودان بغربه، وتُعد بوابة لوجستية مهمة بين الأبيض وولايات دارفور والسيطرة عليها تعني قطع خطوط الإمداد والدعم اللوجستي لقوات الدعم السريع في غرب السودان. لذلك كانت فقدانها ضرها قاصمة لمليشيا الدعم السريع التي تعد في أيامها الأخيرة في مراكز السيطرة على ما تبقى من مدن غرب السودان وقراها التي استباحتها طيلة فترة الحرب، ذلك ما أثر بقوة في التماسك النفسي لعناصرها، وهو الأمر الذي لوحظ في الآونة الأخيرة، وظهر بوضوح في الانشقاقات الداخلية والخلافات التي أدت لانسحاب أعداد كبيرة من ساحة المعركة، واحتداد هذه الخلافات وصل إلى نشوب معارك واقتتال داخلي بين أفرادها، بسبب قلة الإمداد وانعدام الرواتب، والشعور العام بأن القيادة ليست على ما يرام، مع تشكيك البعض في قدرات من يقودون المعارك ويتحكمون في مصير الأفراد الذين لا يعرفون ما الذي ينتظرهم بعد حرب تجاوزت العامين ولا يحصلون فيها سوى على الهزائم المتتالية دون الاهتداء بمسار واضح يعرفون من خلاله إلى أين تتجه بوصلة هذا الصراع الذي فقدوا الأمل في أن ينتهي بالانتصار الذين يصبح كل يوم أكثر استحالة من الذي قبله.

مقاطع الوهم..! 

كعادتها نشرت قوات الدعم السريع مقاطع فيديو تزعم فيها السيطرة على أم صميمة، وهذا الأمر الذي لم يعد ينطلي على أحد، فهم ظلوا يستعوضون الهزائم بانتصارات وهمية من خلال تصوير مقاطع يزعمون فيها أنهم سيطروا عىل مناطق هم خارجها بأميال، ظناً منهم أن هذا الأمر يساعدهم في إدارة الحرب النفسية والشق الإعلامي من هذه القضية، رفعاً لمعنويات عناصرهم في المناطق الأخرى وربما حشداً للرأي العام من اتجاه الداعمين لهم، لكن إعلان الجيش واستعراضه لحصيلة المعركة بالتفصيل أفشل هذه المحاولة اليائسة لتزوير الحقيقة.

 سياق المعركة..!

 الجيش السوداني والقوات المشتركة من حركات الكفاح المسلح، وتحت إشراف متحرك «الصياد»، وهو تشكيل ميداني متخصص في العمليات السريعة والحاسمة نجح بامتياز في تطهير منطقة (أم صميمة) وقد جاءت هذه المعركة ضمن حملة منظمة لاستعادة شمال كردفان كاملة، وقد سبقت هذه المعركة سلسلة من الاشتباكات في مناطق (الرياش) و(كازقيل) وغيرها. وقد قدم الجيش والقوات المشتركة وكتائب البراء العديد من الشهداء البارزين الذين كانوا يشكلون نوعاً من الوقود المعنوي في هذه الحرب بظهورهم في الوسائط وانتشار صورهم ومقاطعهم التي تحفز الشعب السوداني والجيش وترفع الروح المعنوية وتدعو للجهاد في سبيل الله ونكران الذات من اجل الوطن،. برز ضمن هؤلاء الشهداء قائد قوات البراؤون في قطاع كردفان (هشام بيرم) الذي شُهِد له بالإقدام والتفاني في هذه الحرب ضد مليشيا الدعم السريع والذي كان فقده مؤثراً في الرأي العام لدوره البارز في شحذ الهمم وقد اتخذه الكثير من الشباب قدوة ومثالاً في الشجاعة، وانتشرت مقاطعه من داخل ساحات المعارك وهو يوجه ويتقدم الصفوف ويغامر بالإرشاد والتوجيه واقفاً على قدميه مستطلعاً في مواقع كل المقاتلين كانوا يتخذون (الساتر) ما دل على شجاعته النادرة وصدقه في طلب الشهادة. وقد تم ذكره ورفاقه من الشهداء الذين قاتلوا في هذه المعركة بشرف ولقوا ربهم شهداء في بيان القوات المشتركة الرسمي كنموذج للإقدام والتفاني والفداء. بعد أن نعاه قائد كتيبة (البراؤون) المجاهد المصباح في بيان حزين.

 تفاعل شعبي..!

معركة أم صميمة أثارت موجة واسعة من التفاعل الشعبي في كل السودان، ولكنها كانت في مناطق كردفان ودارفور، أشد، وقد انطلقت الاحتفالات الشعبية في الأبيض والخوي حيث خرج المواطنون في مسيرات صغيرة يرددون شعارات مؤيدة للجيش والقوة المشتركة، معتبرين استعادة (أم صميمة) نصراً عظيماً ستعقبه الانتصارات التي تقضي على مليشيا الدعم السريع في جميع مناطق غرب السودان. وقد غرد حاكم دارفور، مني أركو مناوي على صفحته في منصة «إكس» قائلاً: (نبارك لشعبنا العظيم عودة محلية أم صميمة إلى حضن الوطن). وقد توقع خبراء استراتيجيون أن تطهير منطقة (أم صميمة) هو بداية نهاية مليشيا الدعم السريع في شمال كردفان لموقعها ذو البُعد الاستراتيجي جغرافيا وعسكرياً