مشاركة
1 قراءة جيوسياسية منذ يوم مركز الشهيد عثمان مكاوي

الصراع الإسرائيلي - الإيراني وتداعيـــاته علـى الخليج و المنطقة

بقلم : عقيد دكتور ركن أحمد يوسف النور

أبعاد الصراع وأسبابه الجوهرية 

الصراع  في جوهره يدور حول النفوذ الإقليمى والأمنى، والتوازنات الطائفية والسياسية. تسعى إيران لتوسيع نفوذها عبر ما يُعرف بـ( الهلال الشيعي)  من طهران إلى بيروت، بينما ترى إسرائيل فى ذلك تهديداً مباشراً لوجودها. حسب إسرائيل فالمشروع النووى الإيراني يمثل تهديداً لوجودها ، مع الأخذ في الاعتبار تلك الضربات الاستباقية التى نفذتها في سوريا وتستهدف قيادات إيرانية ووكلاء مثل حزب الله والحشد الشعبى.

 تداعيات الصراع على 

دول الخليج العربى

- جيوسياسيًا

 دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات والبحرين، تنظر بقلق إلى الصراع، لا سيما بعد تقاربها مع إسرائيل منذ «اتفاقيات إبراهام».

هذا التقارب يجعلها عرضة محتملة لهجمات إيرانية مباشرة أو عبر وكلاء مثل الحوثيين فى اليمن.

القواعد الأمريكية فى الخليج قد تكون اهدافا عسكرية لإيران  حال نشوب حرب شاملة، مما يزيد من حدة التهديدات. 

- الملاحة البحرية ومضيق هرمز

 مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20% من صادرات النفط العالمية، سيظل أبرز نقاط الاشتعال.

لذا من المحتمل أن  تستخدم إيران المضيق كورقة ضغط، عبر تهديد الملاحة أو استهداف ناقلات النفط، مما سيؤدى إلى: ارتفاع كبير في أسعار النفط، اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية التى قد تؤدى إلى أزمة اقتصادية في الخليج. -  التأثير الاقتصادي اذا استمرت الأزمة فمن المحتمل أن تشهد الأسواق الخليجية  تقلبات حادة. بالإضافة إلى الثاثيرات التى قد تطرأ على تكلفة التأمين والنقل البحري .  و التى تقود بدورها إلى تراجع

الاستثمار الأجنبى  فى ظل بيئة غير مستقرة.

توسع دائرة الصراع  إلى الخليج وغرب آسيا؟

هنالك احتمال قائم على توسع دائرة الصراع ليشمل مناطق أخرى خاصة مع اعتماد إيران على وكلائها الإقليميين: فالحوثيون قد يستهدفون منشآت خليجية.

كما أن هؤلاء الحلفاء قد  يقومون بتنفيذ عمليات هجومية ضد مصالح أمريكية أو خليجية بالمنطقة. 

و مع توسع دائرة الصراع  قد تتحول العراق وسوريا ولبنان لساحات اشتباك بالوكالة.  

انعكاسات الصراع على الحرب فى السودان

 رغم البُعد الجغرافى، فإن للصراع تداعيات غير مباشرة على السودان تتمثل فى تصاعد التنافس الدولي فى البحر الأحمر الذى قد يؤثر على ميزان القوى داخل السودان. كما أن 

إيران قد تحاول التمدد في شرق إفريقيا لتأمين نفوذها البحري. أما إسرائيل بدورها فقد تعزز علاقتها مع بعض القوى السودانية لمنع التغلغل الإيراني. مع ذلك يبقى تراجع الاهتمام الدولى بالأزمة السودانية لصالح أزمات أكبر في حال اشتعلت مواجهة إقليمية كبرى هو أقوى و أهم التداعيات المتوقعة.  الدور الروسي واحتمالات التدخل  روسيا حليف رئيسى للنظام السوري ولها حضور عسكري قوى في المنطقة. لذا أى تصعيد واسع قد يهدد مكاسبها الجيوسياسية في سوريا وشرق المتوسط. إلى ذلك ترى موسكو أن إضعاف إيران يعنى تقوية الحلف الأمريكي–الإسرائيلى وهو ما تسعى إلى منعه.

لذا من المتوقع أن تدعم روسيا  إيران استخباريًا أو دفاعيًا (مثل تزويدها بمنظومات S-400) حفاظاً على مصالحها. فضلا عن احتمالية  استخدام روسيا الفيتو في مجلس الأمن لصالح طهران إذا تقدمت أى جهة بطلب استصدار قرار من المجلس خاصة بعد التصريح الاخير لموسكو ( إيران تحت حمايتنا) و من الأدوات التي يمكن أن تستخدمها روسيا 

تحريك وكلائها فى إفريقيا أو دعم الحوثيين بشكل غير مباشر. رد الولايات المتحدة على تدخل روسى محتمل الولايات المتحدة ليست ببعيدة عن هذا الصراع لذا من المحتمل أن تسعى واشنطن إلى ردع موسكو دون الانجرار لحرب مباشرة. مع القيام بتعزيز وجودها العسكري فى الخليج. حماية لمصالحها فى المنطقة.   كما يمكن أن تقوم بدعم إسرائيل استخباراتيًا وتقنيًا،  و تحفيز حلفاءها  الخليجيين لتنسيق أمني أو عسكري مشترك للوقوف ضد أى هجمات إيرانية محتملة.  

الموقف الصيني وتأثيرات الصراع على شرق آسيا

 الصين تحتفظ بعلاقات استراتيجية مع إيران (اتفاقية 25 عامًا) لكنها أيضاً شريك اقتصادى رئيسي لإسرائيل والخليج. على هذا الأساس لن تنخرط فى التدخل عسكريا، لصالح أى جهة ما لكنها ستدعو لضبط النفس لحماية مصالحها في المنطقة.كما إنها قد تمارس ضغوطاً هادئة على إيران للحفاظ على استقرار التدفق النفطة.  

.التأثير على شرق آسيا

من المؤكد ان دول كـ كوريا الجنوبية، اليابان، تايوان تعتمد بشدة على نفط الخليج.  إلى ذلك أى اضطراب في مضيق هرمز سيؤدي إلى: ارتفاع تكلفة الطاقة. و خلق اضطرابات فى الصناعات الكبرى فى آسيا. لهذا من المؤكد انها تقوم بتعزيز التحالفات الأمنية مع الولايات المتحدة لحماية الملاحة البحرية خدمةً لمصالحهاِ 

خاتمة 

 الصراع بين إيران وإسرائيل تجاوز كونه مجرد نزاع ثنائي، وأصبح عقدة جيوسياسية تتشابك فيها مصالح محلية وإقليمية ودولية. الخليج العربى فى عين العاصفة، ليس فقط بحكم الجغرافيا، بل لموقعه الحساس كمصدر رئيس للطاقة وممر للتجارة العالمية.

أما القوى الكبرى، فترى في هذا الصراع فرصة أو تهديدًا ضمن معركتها الأوسع على إعادة تشكيل النظام العالمي. دول الخليج مطالبة بتبنى استراتيجية توازن دقيقة بين الردع والتحالف، والانفتاح على الوساطات السياسية لتجنب الانجرار إلى صراع لا تملك وحدها مفاتيح إنهائه.