تعلمت دروسي الأولى عن الحرب كضابط مشاه في دارفور قبل ما يقارب عقدين من الزمان شاهدت فيها كثير من الابطال المرعبين الذين هم امتداد لجسارة الجندي السوداني، لكن مايبهرني أكثر ويستميل زكرتي حرفياً هم الشباب المبدعين الذين جمعو بين المغامرة والمخاطرة فهم عندما ينفذون مهام في الميدان تكون أعمالهم استثنائية في منتهى العظمة ، خلال معركة الكرامة أظهر كثير من رجالات القوات المسلحة والقوات المساندة لها من المشتركة والأمن والشرطة والمستنفرين بطولات خارقة كانت مذهلة بمعني الكلمة في صد عدوان التمرد الجنجويدي .
من بين أبطالنا في معركة الكرامة برز الكولونيل الطاهر عرجة حقار الرجل الذي أينما حل تصدر المشهد، شخصية عسكرية مهيبة على قدر كبير من الاحترام والتقدير كان هادئاً ورزينا وذا شخصية اثرة لديه عبقرية عسكرية تجلت بصورة واضحة في كل مسارح العمليات التي عمل بها وحققت له نجاحاً مبهرا خصوصا في محور الفاو حيث قاد قوات حركة العدل والمساواة هناك،
هو أول من عبر بسيارته جسر حنتوب لحظة اقتحام مدينة ود مدني مع الملازم يوسف أحمد الدفعة ٦٥.
بعد سلسلة نجاحات أسطورية في محور الفاو مروراً بتحرير ود مدني إلى سنار والدندر انضم الطاهر عرجة إلى متحرك الصياد قائداً لقوات العدل والمساواة ليضيف تاريخاً جديداً في سجله الحافل بكثير من التميز مشاركا الصياد في كل فتوحاته للكثير من المدن حيث كان أحد مفاتيح النصر في معركة استعادة ام عردة جنوب مدينة الأبيض لتنتقل رحلة الصياد التي كان في مقدمتها إلى كازقيل والحمادي ثم الدبيبات.
الطاهر عرجة حقار بالرغم من انه احد أقوى المحاربين وأكثرهم شراسة الا انه كان إنسانياً بمعنى الكلمة اتزكر في معركة تحرير الحمادي بعد سلسلة إصابات في طاقمه المقاتل كان قد تم أسر عدد من المتمردين وحدث أن احتد احد الجنود من قوات الصياد مع الأسرى وحاول ضربهم تدخل القائد الطاهر وقال له ( قف عندك لدى أكثر من عقدين من الزمان في الميدان ولم تمتد يدي إلى أسير ابدأ كم عمرك انت) وكان الشاب في مطلع العشرينات من عمره صراحة كان موقفاً نبيلا من قائد نبيل لم يسيطر عليه الإصابات المتتالية في طاقم سيارته المقاتلة ولا ظروف الحرب الصعبة بل غلبت عليه الإنسانية في أصعب اللحظات .
في معركة الدبيبات عصر ليلة الجمعة كان قد سقط ضارب مدفع ٢٣ ملم متأثراً بإصابته من قناصة المتمردين في موقف صعب صعد الكولونيل الثائر الطاهر عرجة إلى مقعد الضارب وعزف كما لم يعزف من قبل وقتها سألت ولازلت اسأل هل في كل العالم أو في التاريخ العسكري ضابط بهذا المقام الرفيع أجبرته الظروف ليصعد على عربة مدفع ثنائي ويبلي بلاء حسناً؟ اعتقد لم يحدث إلا أن تكون الطاهر عرجة شخصياً.
في معركة استعادة ام صميمة قاد الرجل التفافا ناجحاً على التمرد ضمن مجموعة من القوات ألمشتركة لحركات الكفاح المسلح مقاتلاً قتال الابطال ليكتب الله له الشهادة مقبلا غير مدبر واضعا حدا لمسيرة استثنائية لضابط استثنائي شهد له الجميع في ميادين القتال شرقاً جنوباً وغربا فله الرحمة والمغفرة وفي رحاب الله ، نعته حركة العدل والمساواة وعددت ماثره ونعته القوات المشتركة والجيش والشعب السوداني.