الحكومة هي الهيئة المسؤولة عن إدارة شؤون الدولة نيابةً عن المواطنين، تسهر على تنفيذ القوانين، وتتخذ القرارات السياسية والاقتصادية التي تضمن الأمن والنظام العام. ومن رحم الحكومات الرشيدة تُولد الأوطان، وتُبنى دعائم الحق والعدل والسلام. تتعدد أشكال الحكومات وأنواعها: من المَلَكية الدستورية إلى المطلقة، ومن الائتلافية إلى العسكرية، مروراً بحكومات الظل والأوتوقراطية والأرستقراطية. لكن ما لا نجده فى أى مرجع أو تجربة سياسية رصينة، هو وجود «حكومة التوازى «! فـ»التوازى» مصطلح هندسة بحت، يشير إلى خطين لا يلتقيان أبداً مهما امتدا... فكيف لنا أن نمنح هذا المصطلح دلالة سياسية؟! الحكومة المسماة «بالتوازى « هى ببساطة كيان هجين، لا أصل له ولا شرعية. أُعلن عنها من قِبل ما يُعرف بتحالف «تأسيس» في نيالا، في 19 يوليو الجارى ، بدعم مكشوف من دولة الإمارات. وجاء الإعلان فى توقيت مريب، يسبق اجتماعاً (للرباعية) دعت إليه الولايات المتحدة لبحث حل الأزمة السودانية، وكأنها محاولة لفرض أمر واقع على طاولة الحوار، لكنه أمر واقع بلا أرض ولا جذور. هذه الحكومة المزعومة لم تحظى بأي اعتراف دولى أو إقليمي، ولا تملك قرارها السيادة، بل تُستخدم كواجهة من أطراف خارجية لتقويض حكومة السودان الشرعية، ودفعها إلى التفاوض من موقع ضعف... لكن هيهات! فبعد إعلانها بيوم واحد فقط، تلقّى مشروعها صفعة قوية بفشل اجتماع «الرباعية» فى واشنطن، ما أكد أن الرهان على هذا الكيان الورقي كان خاسراً منذ لحظة ولادته. ما يُسمى بـ»الحكومة بالتوازى» لن تضيف للمشهد السودانى الراهن سوى المزيد من التعقيد والمعاناة، خاصةً للنازحين واللاجئين، الذين هم ضحايا الحرب الحقيقيون. فبينما تمضي حكومة الأمل نحو تحرير ما تبقى من أرض من دنس المليشيات، و إعادة بناء ما دمرته هذه المليشيا ، تسير هذه الحكومة الافتراضية في الاتجاه المعاكس، نحو فرض التبعية و رهن إرادة الوطن للخارج .لكن التاريخ لا يُكتب فى لحظات الاستقرار، بل فى لحظات المخاض. ومعاناة اليوم، ستتحول إلى أمجاد الغد بإذن الله. فالقوات المسلحة، ومعها كل القوى الوطنية، ماضية فى استعادة كرامة الوطن، وصد كل محاولات العبث بوحدته وسيادته. كما قال الشاعر:
لا عدلَ فى الأرضِ إلا الحسامُ لهُ من خلفهِ سندٌ، من خلفهِ عَجمُ
إن الحياةَ كمضمارٍ تفوزُ بها عند السباقِ كرامُ الخيلِ لا النَّعَمُ
لقد تهاوت أوهام «تأسيس»، وذابت شعارات «صمود»، ولم يبقَ لهم إلا ذلك الشعار القديم الذى كانوا يرفعونه : «الحل في البل...» وهذا ما يتحقق بإذن الله تعالى ، بوحدة الصف، وبقوة الإرادة الوطنية و بسواعد رجال القوات المسلحة الباسلة و القوات المساندة لها و من خلفهم الشعب السودانى قاطبة.